حرب المدن بين
التقنية والتطبيق
م/ ماجد علي غالب عبيد
إن طبيعة كافة الصراعات التي ظهرت في الآونة الأخيرة قد فرضت طبيعة عملياتية
مغايرة عرفت بعمليات حرب المدن والتي تختلف كثيراً عن غيرها من
العمليات العسكرية والقتالية الأخرى من حيث نوعية المهام
ونوعية الأسلحة والتجهيزات ونوعية التنفيذ والقوات الموكل إليها في المناطق
الجغرافية المعقدة والمناطق المجاورة لها وعلى وجه الخصوص، تلك التي تتمركز فيها
الكثافة السكانية العالية من المدنيين وتتخذها العناصر المتمردة أو المعادية مركزاً
لها ، وتشكل هذه المناطق نقطة حرجة تواجه القادة العسكريين لما فيها من صعوبات معقدة التي قلما توجد في
بيئات أخرى .
كما
إن الاتجاهات الحديثة
المتبناة لمجالات التطوير والتحديث العسكرية والتي تقوم عليها مؤسسات ووكالات
تابعة للدول العظمى منصبة على تطوير وتحديث تقنيات وأنظمة حرب المدن على وجه
الخصوص فظهور تلك التقنيات سابقة الذكر لم تأتِ من فراغ لكنها كانت نتيجة لمجموعة
من الدراسات النوعية لطبيعة البيئات المدنية ونوعية المهام والعمليات القتالية
التي تدور فيها .
المفهوم العملياتي لحرب المدن
مثلت تلك التجمعات السكانية تاريخيا نقطة حرجة في مسيرة الحروب التي
تدور فيها لما تحتويه من سكان وموارد اقتصادية ومادية وعوامل أخرى
، ولهذا فإن البيئة المدنية مثلها مثل غيرها من البيئات الأخرى لها تأثيراتها على
كل الجوانب ، وعلية فإن الفهم الدقيق للطبيعة القتالية لمثل هذه البيئات والإعداد
والتخطيط المسبق من خلال دراسة الموقف وتحليله للبدء بشن هجوم ناجح بأقل الخسائر يشكل
فرصة نجاح أفضل لسير العمليات القتالية .
كما أن الهدف
الرئيسي من وراء عمليات حرب المدن يرجع إلى أسباب سياسية ، حيث يقوم بشنها جيش
نظامي متنوع التسليح على مجموعة من متمردين اتخذوا من المدن مأوىً وتحصيناً لتسديد
الضربات المباغتة والعمليات السريعة ، كما يوجد طرف ثالث فرضته طبيعة هذه العمليات
وهو المدنيين من السكان المحليين لهذه المدن، وتتخذ
مثل هذه العمليات للتنفيذ عندما:-
- تنقل مهمة كتيبة معينة لاستهداف عناصر متمردة أو تخريبية معادية في أوساط التجمعات المدنية .
- من خلال معرفة خصائص التجمعات المدنية يتم تشكيل وإعداد ظروف العمليات الآنية والمستقبلية.
- تعد هذه التجمعات المسار العام للتقدم والذي لا يمكن تجاوزه أو تجنبه .
- تطلب الاهتمامات السياسية والإنسانية السيطرة العملياتية الكاملة للمهمات القتالية في هذه المناطق .
إن إحكام
السيطرة الكاملة على مثل هذه المناطق يمنع ويحد من قدرات العدو على استغلال
الأجواء المدنية لتوسعة نفوذه والتمترس وراءها من أجل الوصول إلى تحقيق أهدافه
الإعتبارات العامة لطبيعة العمليات العسكرية في حرب المدن
إن مهمة التكتيك العسكري للعمل في بيئات الحرب على المدن تأخذ
جانباً كبيراً من الاهتمامِ لدى أولئك المهتمين بالإعداد والتجهيز,
وأول المهام النوعية تلك المتمثلة في تدريب المقاتلين وإعدادهم الإعداد الكامل
والمنبثق من كيفية التعامل مع التركيب التكويني لطبيعة البيئة المدنية من حيث
البعد الجغرافي والسكاني ومن حيث طبيعة العمليات القتالية والتقنيات والتسليح
المصاحب لمثل هذه العمليات وكيفية استخدامها بالطريقة
التي صممت لأجلها لإظهار مهارات تكتيكية في ممارسة العمليات القتالية ، فالتدريب
على أساليب حرب المدن يعتبر جديداً نسبيا فقد بدأ في الثمانينات من القرن الماضي وقد
بدأت به قوات المارينز الأمريكية ، ويجب ان تتوفر برامج تشمل على شبكة لتنسيق
العمليات الحية من مشبهات مركبات ولعب حرب كمبيوتر ، كما تُستخدم برامج تدريب
افتراضية بناءة ومعقدة ، ويعتبر
التشبيه القابل للإستخدام من قبل القوات في مسارح القتال حاجة ملحة أيضا ، لكن إحدى
المشكلات التي تواجه القوات المهاجمة التي تبحث عن المتمردين والأسلحة المخبأة
تكمن في أن هذه الأطراف ربما لم تدخل هذا البيت والتي هي على وشك مداهمة أبدًا من
قبل وربما أنها لم تتواجد في ذلك الحي من قبل ، وحتى لو كان بالإمكان الحصول على
إشارة GPS
واضحة ، فمن الممكن أن يتعرض الجند لخطر اقتحام المبنى الخطأ ، مما يعطي الهدف
فرصة للنجاة .
ولابد لنا أن ندرك بأن القتال في البيئات المدنية ما هو إلا عبارة عن حرب تنطوي على العمليات
الإنسانية وعمليات الإسناد والرصد وفرض الاستقرار ، مع مراعاة ذلك في عمليات
الرماية ، ولذا يتعين بأن ندرك بأن المدنيين المسالمين في المدن أكثر من المقاتلين
بكثير ولذلك ينبغي أن تكون القوات المقاتلة المتواجدة
فيها ليس مجرد مجموعة مقاتلين فحسب وإنما سفراء للنوايا الحسنة .
التحدي
الإضافي هناك ينطوي على فهم تعقيدات ساحة المعارك المدنية ، هو تحدي يتخطى الدراية
بالأوضاع القتالية ويتخطى مدى تأثير قوة
العدو وسيطرته إلى الأخذ بعين الاعتبار وجود المدنيين المسالمين ، كما
أن هناك مجموعة من الخيارات التي تفرض
نفسها للتعامل مع القوى المعادية التي اتخذت من المدن ملاذاً لها وهي:
-
فرض حصار مطبق على المدينة وعلى العدو القابع
فيها على نطاق واسع بحيث يشمل جميع السبل والإمكانات من قطع جميع وسائل الاتصالات
والإمدادات الخارجية عن العدو من خلال فرض طوق محكم عليه غير قابل للاختراق سعياً
إلى تجويع المحاصرين ودفعهم إلى الاستسلام وطلب السلام ، ولكن عيوب هذا الخيار
واضحة تماماً فما سيعانيه العدو سيعاني منه المدنيين الأبرياء ، وما ستقدمه وسائل
الإعلام العالمية من تغطية شاملة للحصار ورغبة العدو في استثمارها تجعل فاعلية
الحصار محدودة في النهاية .
-
قصف المدينة من كل الجهات وتحويلها إلى ركام ،
وهو الخيار الذي لا يلقى قبولاًً لما يؤخذ عليه من الناحية الإنسانية ، لأن الهدف
هو سلامة المدنيين وكسب تأييدهم ، والتجربة الروسية في غروزني أخذت بهذا الخيار.
-
الخيار الوحيد الذي بقي هو التقدم إلى المدينة
ومواجهة العدو مباشرة على أرض الواقع بحيث
يتم استخدام الخيارات الثلاثة كلها بصورة متزامنة شريطة تزويد المقاتلين بالقدرات
المصممة لبيئات حرب المدن وهو الأمر الذي يعتقد بعض القادة العسكريين أن المعركة
المباشرة يمكن أن تتحقق على الأرجح، بواسطة القدرات التي يمكن بالمراقبة أن توفر
دراية حركية أكيدة بالأوضاع القتالية على جميع نطاق المدينة.
التقنيات
الحديثة المستخدمة في عمليات حرب المدن
إن تجهيز وحدات تنفيذ المهام العملياتية في مثل هكذا مناطق بالمعدات
الرقمية الالكترونية والاستطلاعية ووسائل المراقبة والكشف ليعد أمراً بالغ الأهمية
له تأثيره الكبير في نجاح وتحقيق الأهداف المرجوة ، كل
ذلك لا يتم إلا من خلال عمليات جمع المعلومات والتي تتمثل حول طبيعة العدو
وتجهيزاته وأماكن تمترسة وغيرها من خلال إستخدام معدات ذات تقنية عالية ويتم تدريب
فصيلة الاستخبارات على كيفية استخدامها مثل أنظمة الاستطلاع المصاحبة للطائرات
المسيرة والربوتات الأرضية و شبكة المستشعرات الالكترونية بالتصوير والمراقبة لجمع
وتحليل المعلومات .
الطائرات
المسيرة(DRONES)
الطائرات
المسيرة أحد أهم وسائل جمع المعلومات ، فهي تلعب دوراً هاماً ورئيسيا من خلال
عملية الاستطلاع والكشف ، والتصوير هي العملية التي أثبت تكنولوجيا الطائرات المسيرة
براعتها واحترافها بها بواسطة الكاميرات
الرقمية المصغرة عالية الأداء متعددة المهام و المركبة عليها لتنفيذ عمليات تحديد
مواقع الأهداف ، حيث توجه هذه الطائرات من المواقع الخلفية للقوات إلى مناطق تحديد
الالتقاط والبث في المواقع المستهدفة ، ويشترط
في عمليات إرسال الصور التي تقوم تلتقطها أن تكون مباشرة عند التصوير لترسل
إلى الوحدات الأمامية لإستخلاص المعلومات
والصور .
وقد تبين من خلال الخبرة العملية لبعض من الدول
التي استخدمت تقنية الطائرات المسيرة في عمليات الإسناد التكتيكي أن هناك حاجة لأن
تكون الأنظمة المركبة عليها أخفُ وزناً بحيث يمكن تشغيلها بصورة مستقلة ذاتياً و
يمكن تشغيلها من قبل وحدات الخط الأمامي.
قامت وكالة داربا الأمريكية بتطوير تقنية
لإحراز الأهداف والمراقبة والاستطلاع في حرب المدن والمعروفة بـ (نورثوب غورمان)
للطائرات المسيرة ، بحيث تسمح هذه التقنية للجنود بالحصول على صور إستطلاعية لا
يمكن الحصول عليها بواسطة المستشعرات الثابتة أو التي تعمل على إرتفاعات شاهقة ،
وقد صممت هذه التقنية بإعطاء الأمر للطائرات المسيرة بصورة متزامنة كي تقوم
بمراقبة منطقة واسعة في ذات الوقت الذي يتم إرسال طائرة مسيرة أخرى بمفردها إلى
الموقع الذي يطلبه الموجهة للمراقبة والاستطلاع عن قرب .
وقد ظهرت العديد من
نماذج الأنظمة المصممة للقتال في المدن في الآونة الأخيرة فمن هذه النماذج على
سبيل المثال :
- الطائرة
(سكايلايت) والتي يبلغ طولها 1.1م وباع جناحها 1.7م ويبلغ وزنها 6.5كجم ، والتي بعد
إطلاقها تستطيع تنفيذ مهمتها بشكل ذاتي من خلال برمجة مسبقة عن طبيعة نقاط الطريق
المتوجهة أليها ، فبعد عملية استعادتها باستخدام شبكة أرضية ، يمكن للطائرة إن
تزود ببطارية جديدة ومعزز ثم تطوى وتوضب مرة أخرى داخل قاذف الإطلاق.
- كذلك الطائرة
المسيرة سكايلارك( Elbit
Skyiark I
) المصنعة من قبل الشركة الإسرائيلية البت
للأنظمة والتي يتم إطلاقها بواسطة دفعها
باليد الذي يساعد في تجاوب اندفاع طيرانها أما محركها الذي يعمل بالطاقة
الكهربائية فهو ضئيل الصوت والأزيز والتي يبلغ باع الجناح 2.2متر ويبلغ وزنها 1.5كم و المصممة للعمل
لفترة زمنية تصل إلى ساعتين بحيث تتراوح سرعتها من 20-50ك/س وتحمل كاميرا فيديو رقمية ملونة CCD
، 3x zoom
تعمل بالأشعة تحت الحمراء لتحديد المواقع والمزودة بتقنية الليزر.
- كذلك تقنيات الإقلاع والهبوط العمودي فقد ظهرت نماذج للطائرات المسيرة أمثلة الطائرة
الفانوكوبتر (FANCOPTER)
والتي تم تصميمها في ألمانيا وهي تعمل
بالطاقة الكهربائية ويبلغ وزنها 1.5كجم ويبلغ عرضها 73سم والتي تبلغ سرعتها القصوى عند 50كم/س وهي محملة بكاميرا رقمية ملونة فيديو بتصميم(752×
582بيكسل) يصل مدى
تصويرها إلى 500متر .
في ميادين القتال
المدنية الرقمية , يمكن وصل مستشعرات متحركة أو ثابتة على الأرض مع الطائرات
المسيرة الأمر الذي يسمح برماية الأسلحة
ضد الأهداف المتحركة ضمن فترة زمنية قصيرة .
- الطائرة المسيرة ( موسكيتو) الأمريكية الصنع فهي اصغر حجماً وتعمل بالطاقة الكهربائية وصممت
لمراقبة منطقة طولها 1× 1كم ,هذا ويمكن
إطلاقها باليد أو بواسطة حبل إرجاعي ، ويبلغ باع الجناح 34سم وطولها 30سم بينما يصل وزنها
إلى 500جرام عند الإطلاق
ويمكن أن تطير على ارتفاعات تصل حتى 300 قدم ، طائرات من هذا النوع وبهذه النمنمة تعتبر صغيرة بالقدر الكافي لتطير من نافذة
لتلتقط الصور داخل المباني وشوارعها.
- تم تطوير نظام
قيادة وسيطرة بالتفاعل التازري بين الطائرات المسيرة التي تعمل في مجال جوي عام
وتتكيف أليا وتعيد برمجة مهام البحث والتعقب في الوقت الذي تدخل فيه المنصات
وتغادرها ، وقد قام بتطويره مكتب إستثمار المعلومات الأمريكي .
الربوتات
الأرضية (Ground Robots )
الربوتات بصورة عامة عبارة عن آلات دقيقة متعددة
الاستخدامات تعمل على التحكم من بعد بواسطة الإنسان من خلال التحكم السلكي أو
اللاسلكي ، فلقد كانت طبيعة عملها الأساسية في المجالات العسكرية وعلى وجة الخصوص
عمليات حرب المدن استطلاعية معلوماتية لتمشيط الأرض المستهدفة وتحديد الأخطار قبل
دخول العنصر البشري تفادياً لما قد يتعرض له.
أحد أهم وسائل جمع المعلومات بواسطة استكشاف
مركز التهديدات المستجدة ومفهوم سحابة إحراز الأهداف سريعة الاختفاء والتي تنفذها
الربوتات الصغيرة والصغيرة جداً من خلال تعقبها ومراقبتها من أجل الاستطلاع ، ربما
تكون وسيلةً مفيدة لبيئات حرب المدن حيث يكون العسكريون مكشوفين بوضوح بين السكان
المدنيين
وبالرغم من إن
استخدام الربوتات ليس منتشراً بقدر إنتشار الطائرات المسيرة إلا أن استخدامها
أساسي للقوات الأمريكية المنتشرة في
العراق وأفغانستان لأغراض استطلاعية، استخدمت عسكرياً أيضاً في كلاً من فرنسا
وألمانيا بشكل واسع لأغراض متعددة كوسيلة تدخل أولية لدى وحدة المتفجرات , كما استخدمتها إسرائيل
بشكل واسع في عمليتها العسكرية على الشعب الفلسطيني الشقيق بغزة في عملية الرصاص
المسكوب, وبناء عليه فطبيعة عمل الربوتات الأرضية ميكانيكي ذو دقة عالية كما هو
الحال في الطائرات المسيرة .
اُستخدمت الربوتات
الأرضية في حرب المدن بشكل جعل منها ذات أهمية عالية لتنفيذ عمليات الاستطلاع
والكشف لتحديد ساحة المعركة وأمكنة تواجد العدو وكل ما يتعلق بساحة المعركة من
معلومات من خلال اعتمادها على وصلة بيانات مبرمجة فيها تمكن من التحكم بها
عن بعد كما يمكنها أيضا من خلال هذه البرمجة
حماية نفسها ما يبرهن صحة ونجاح ما نسميه أنظمة الذكاء الاصطناعي الحديثة
.
- أٌستخدمت الربوتات الأرضية في المجال العسكري أول مرة عندما وجه الربوت
(فوستر ميلر تالون) لإزالة وتعطيل الذخائر المتفجرة والتي جهزت فيما بعد لتكون ربوتات مسلحة حيث
زودت ببندقية من نوع( M16) أو برشاشات نوع (M249) أو ببنادق بارات (عيار50 ) كما استخدمت
أيضاً في الاستطلاع المسلح .
- نظام الربوت الشهير والمعروف (PackPot 501) الأمريكي الذي يستخدم لإغراض عسكرية في عمليات
حرب المدن , يعمل بالطاقة الكهربائية بواسطة بطاريتين محملتان عليه والذي يبلغ وزنه
22كجم وطوله يبلغ 69سم وعرضه 50سم مع ارتفاع يصل إلى 19سم والذي يمكنه الحركة
والدوران بحرية مطلقة وبسرعة تصل إلى 9,3كم/س والمزود بكاميرا متحركة عالية
الدقة والتصوير .
- وقد أعلنت شركة (متال ستورم)
الأمريكية في مارس 2005م استكمال سلسلة عمليات عروض النيران الحية المباشرة التي
أقيمت في إحدى منافسات الرماية للجيش الأمريكي في نيوجيرسي ، وقد اشتملت العروض
على رمايات لنسخة مخصصة من نظام سلاح( متال ستورم (40mm مركب على مركبة تالون
الأرضية غير المأهولة ,وقد جهزت بمنظومة مجهزة بأربع سبطانات تحتوي كل
منها على أربع قذائف ونظام تصويب بصري قادر على توفير استقرار وتوجيه ثنائي المحور
، واستطاع النظام أن
يشتبك بنجاح مع أنواع مختلفة من الأهداف بما في ذلك أفراد مشبهون وناقلة جنود
ومنعها من خلال استخدام طلاقات نارية.
الأسلحة الخفيفة ( Direct Fire Support)
لقد كان لطبيعة حرب المدن والظروف البيئية
المعقدة و نوعية المواجهات القتالية الصعبة استخدام أنواع معينة من الأسلحة
الخفيفة التي يحملها معهم المقاتلين كعتاد للمواجهة والحماية والاشتباك مع العدو ,
وقد ظهرت العديد من النماذج والابتكارات لمثل هذه الأسلحة والتي صممت لتتلاءم مع
مختلف الظروف البيئية القتالية المدنية
فقد كان الهدف الرئيسي من هذه التصاميم هو حماية المقاتل بالإضافة إلى
توجيه ضرباته بشكل دقيق ومتقن مسيطراً بذلك على التسديد وإطلاق النيران ذات
الأعيرة المتنوعة ، و مراعاةً لعامل الوزن
فلقد اٌستبدلت بعضاً من الوحدات القتالية في الجيش الأمريكي بنادقها من النوع( M16 A2 )ببنادق أقصر وأسهل منالاً مثل بنادق (M4 )وبنادق( M4 A1) القصيرة ، بينما يجري استبدال الرشاش ( M249 ) المعياري الخفيف بنموذج مظلي مجهز ببندقية (M4 ) قصيرة.
- كما ظهرت أنظمة التسديد والرماية من زاوية والتي من خلالها يستطيع
المقاتل مشاهدة الأهداف حول الزاوية بواسطة
كاميرا فيديو صغيرة الحجم تثبت على ماسورة السلاح والموجهة إلى الجهة الجانبية وشاشة عرض صغيرة
موجودة ضمن بقية السلاح أمام المقاتل ومن أمثلتها نظام الرماية من زاوية ( Cornershot) الأمريكي الإسرائيلي المشترك المزود بمسدس عيار 9mm للجنود والذي يمكن الجندي من الرؤية من زاوية
ومشاهدة واقتناص الأهداف من خلال شاشة كريستالية بعرض تلفزيوني تقع على الجزء
الخلفي للنظام والموصلة بكاميرا فيديو رقمية تقع على الجزء الأمامي الجانبي للنظام
بواسطتها أمكن للمستخدم مسح المنطقة المحيطة بالزوايا والممرات من خلال مشاهدة
الصور على الشاشة ، حيث يتم إرسال الصور إلى الوحدات المجاورة إلى مركز القيادة
المركزي مباشرة ، وكان آخر سلاح تم تصميمه من هذا النوع هو( Shot40) الذي يمكن تركيبة قاذف
قنابل من العيارmm 40 عليه.
- كانت وما تزال الأسلحة الخفيفة
ذات الأعيرة الخرطوشة من أقوى وأهم أسلحة المواجهة والإشتباك فقد بينت الخبرة
القتالية بان طلقة الناتو (mm
5.56 ) ينقصها قدرة الوقوف خصوصا عندما تطلق من أسلحة
قصيرة السبطانات ، أحد الحلول المجربة تتمثل بالخرطوشات( mod, mk2,mod0 )التي تحل
مكان رصاصة SS109) )مع مقذوف أثقل
زنته خمسة جرامات .
طورت شركة ريمنغتون التي تعمل حاليا مع الجيش الأمريكي خرطوشة لأغراض خاصة
عيارهاmm 43x8.6 ، كما صنعت شركة
(بارت فايرارمز) جهاز استقبال علوي جديد يمكن تركيبة على أسلحة( M16 أو M4 ) وحولت الخرطوشة إلى عيار جديد وقد أصبح هذا
التحديث ممكنا بفضل أن طول الخرطوشة الجديدة يبلغ نفس الطول الإجمالي لطلقة5.56 mm
بينما قطرها أكبر بقليل ، توفر الطلقة الجديدة أداءً محسنا وتُلائم متطلبات معارك
الالتحام وعمليات حرب المدن.
المستشعرات الأرضية ((Ground
صممت معظم أنظمة جمع المعلومات
الحالية للاستطلاع سواءً كانت العلوية أو فوق الرأسية للإيفاء بحاجات حرب الأرض
المفتوحة لكنها أقل فاعلية عند استخدامها في تعقب قوات متحركة أو غير نظامية داخل
المدن ، ومع ذلك لا تستطيع أنظمة الاستطلاع والمراقبة الحالية أن توفر معلومات
كافية من ذلك النوع اللازم لفهم ما يجري فعلا في المدينة ،و وفقا لما صرح بهِ مدير
وكالة داربا للأبحاث الدفاعية الدكتور (توني تيثر) لجمعية الشيوخ الامريكية حول
التهديدات الناشئة والقدرات حيث أخبر اللجنة الفرعية بأن أنظمة الاستطلاع لإحراز
الأهداف والمراقبة الدائمة والمحدقة ستتحسن إلى حد كبير لمعرفة الذي يجري في
المدينة بأبعادها الثلاثة وعلى مدار الساعة ، وأضاف السيد تيثر أننا بحاجة إلى
شبكة عنكبوتيه من المستشعرات حتى نتمكن من رسم خريطة أفضل للمدينة والأنشطة فيها
بما في ذلك ما بداخل الأبنية لتمييز الخصوم ومعداتهم من المدنيين بما في ذلك
الحشود ، ولتحديد آماكن القناصة والانتحاريين أو المتفجرات المبتكرة فيتعين أن
نراقب أشياء كثيرة ومختلفة كالناس والفعاليات فوق منطقة واسعة وكما يتعين أن نمتلك
قدرة عالية على التمييز عندما نحتاج ذلك , ولا تقل أهمية الأنظمة اللازمة لاستخلاص
معلومات قابلة للاستخدام والتطبيق من البيانات عن أهمية امتلاك لمستشعرات أكثر ومن
نوعية أفضل .
في بعض الحالات تصمم بعض
المستشعرات لأن تطلق أو ترمى باليد ، حيث يجمع نظام مقذوف التصوير المكون من أجزاء
مستقلة ومتصلة الذي يطلق بواسطة قنبلة يدوية والمسمى (Glimps) بين الكاميرا والمرسل
واللاسلكي في مقذوف عيار 44Mm ويجري تصميمه حاليا وهو
في طور التطوير لزيادة قدرات المراقبة في البيئة المدنية .
وبالرغم من إن المستشعرات الجديدة متوفرة إلا أن صورها مازالت بحاجة
للتفسير والقراءة بسرعة كي توفر معلومات قابلة للاستخدام , كما أن المستشعرات التي
تميز المدنيين من الانتحاريين لازالت غير متوفرة ، مع أن شركة Digicomm الأمريكية في طور الإعلان
عن كاشف سلاح مخبأ على المديات القريبة أو للاستخدام داخل الأبنية وطورت في الوقت
ذاته كاشفاً بعيد المدى يمكنه التعرف إلى المسدسات والقنابل في الأماكن المفتوحة
وعلى مسافة آمنة بالقدر الكافي لحماية كل من الأفراد والممتلكات ، كما لا يوجد في
الأسواق ألان أنظمة تستطيع الكشف عن الأسلحة المخبأة أو المخفية سوى لمسافة لا
تتجاوز بضع ياردات وأكثر الأجهزة الكهرومغناطيسية أو المغناطيسية التي تتطلب أن
يمر المشتبه بهِ عبر قوس الكتروني مثل ذلك المستخدم في المطارات .
كما يطور مكتب المشاريع الخاصة الأمريكي مستشعرات رادارية تخترق الجدران
وأساليب تقنية أخرى بهدف الكشف عن البني التحت أرضية ورسم خرائط لها وتحديد مواقع
الأفراد والتعرف على أسلحتهم ، وستسمح هذه
الأنظمة مجتمعة للقوات بمراقبة وتعقب أي شخص أو هدف معين أينما كان .
الاتصالات Communications))
إن مانح القوة الرئيسي في جميع التقنيات اللازمة
تقريباً في عمليات حرب المدن تتمثل في شبكة اتصالات قوية وقابلة للتكيف مع كل
الظروف المصاحبة لطبيعة هذه العمليات بحيث تكون شبكة
قادرة على العمل في البيئات المدنية حيث تكون الاتصالات صعبة حتى في ظل أفضل
الأحوال ، شبكة أكثر قدرة على التحدي باعتبار أن الشبكات ومحطاتها الأساسية بحالة
حركة دائمة مع عقد جديدة تدخل وتغادر النظام بصورة مستمرة.
يشتغل مكتب
التقنيات المتقدمة الأمريكي على شبكة من هذا القبيل ويطور قدرات لاسلكية قليلة
التكلفة منخفضة القدرة ذات نطاق ترددي فوق
العريض توفر وصلات موثوقة متعددة الاتجاهات ومقاومة للتلاشي مع إمكانية
منخفضة لاكتشافها باعتبارها قادرة على الإرسال الآلي وعلى إعادة تشكيل الشبكة
وإدارة الطيف فإن هذه الشبكات الذاتية التشكيل سيكون بمقدورها حذف الخطأ البشري
تقريباً عند إنشاء الشبكة وإدارتها وجعل إقامة اتصالات سريعة وموثوقة حقيقة
ميدانية .
العربات
المدرعة( Armored Trucks )
استخدم في عمليات حرب المدن كلا من العربات
المصفحة المدولبة وكذلك المجنزرة حيث استخدمت كل واحدة ضمن استخدامات خاصة بحسب نوعية الأدوار والسيناريوهات الموكلة
والخاصة بكل واحدة منها على حدة ، فرغم اختلاف وجهات النظر والآراء حول
زايهما أفضل للمهمات القتال في البيئات المدنية , حيث رأى البعض أن العربات
المصفحة المدولبة تتميز بحركية أعلى من العربات المجنزرة والذي تتمتع بشعبية اكبر
في عمليات حفظ السلام , ولكن مع ذلك فهي تعتبر الأكثر عرضة للهجوم والفتك أكثر من
العربات المجنزرة ، مع كل ذلك فان طبيعة وخصوصية حرب المدن فرضت وجود كلا العربتين
معاً بحيث أوكل لكل واحدة مجموعة المهام التي تقوم بها من طبيعة الأدوار والمهام
على صعيد العمليات القتالية في البيئات
المدنية.
- من أمثلة العربات
المدولبة الحديثة المصممة لمثل هكذا عمليات المصفحة المدولبةStyker 8x8 ) ) المجهزة لحرب المدن والتي قامت بصناعتها شركة (جنرال
داينامكس) الكندية والتي دخلت إلى الخدمة العملياتية للجيش الأمريكي أثناء احتلاله
للعراق حيث وقد أفادت مجموعة التقارير بأن حوالي 300 عربة منها توجد هناك , وقد
أبدا مستخدميها الرغبة في مواصلة استخدامها كونها تتميز بقلة الضجيج
مقارنة بالعربات المجنزرة السبب الذي جعل من قوات الجانب الأخر لا تشعر باقترابها
, ولرفع درجة الحماية أكثر للعربة سترايكر تم تزويدها بصفائح واقية للحماية ، المسمى
بـ(قفص العصفور) والذي تقوم طبيعة عمله بنزع صمام القنابل الصاروخية الدفع قبل
أوان تفجيرها ، هذا وقد ذكر تقرير خاص بالجيش الأمريكي تم تسريبه لوسائل الإعلام
حول مشاكل بهذا الدرع الإضافي وأنة كان فعال لحوالي نصف قذائف الـ (ار،بي،جي) التي
كانت تطلق عليه .
- ومن الأمثلة على
العربات المجنزرة المصممة لمثل هذه العمليات الدبابة(( M1A2 ابرامز ABRAMS) ) الأمريكية الصنع
التي تم تحديثها لعمليات من خلال إضافة منظومة (Tusk) للبقاء والاستمرارية في البيئات المدنية، وبإعتبارها
صممت لخوض حرب مدرعات، فإنها تفترض بان التهديد الرئيسي سيواجهها من القطاع
الأمامي , لكن الأمر مختلف الآن فقد أصبح القتال على مدار 360 درجة وفقاً لما صرح به مدير مشروع منظومة(Tusk) المقدم مايكل فلاناغان ، ويتمثل أول جزء من
المنظومة تُسك بدرع ملقم المدفع المصفح الذي يوفر حماية للملقم عندما يرمي الجندي
بالمدفع الرشاش عيار mm7.62 من البرج ، كما زود موضع رماية الملقم بمنظار حراري
يسمح للرشاش بان يٌستخدم في الظلام ، ومن ناحية أخرى هناك نظام قيد التطوير يسمح
للجندي الملقم بإطلاق نيران المدفع من داخل البرج وهو يشاهد الصور بواسطة المنظار
الحراري ، كما أُدخلت مجموعة من التحسينات على محطة القائد خارج البرج ، وقد رُكب
على جوانب الدبابة درع متفجر ردي الفعل مثل ذلك المركب على دبابة( برادلي)
الأمريكية , كما أضيفة صفائح من الدرع لحماية مؤخرة الدبابة .
- تطور وكالة (داربا ) الأمريكية لتطوير أبحاث الدفاع من هجمات الــ (أر، بي، جي ) سبيكة درع متطورة وخفيفة الوزن لحماية عربات (همر) التابعة لقوات المارينز
الأمريكية ، وعلى المدى الأطول ستطور وكالة داربا وتختبر من خلال برنامج ( الستار
الحديدي ) نظام إسقاط قذائف الـ (أر، بي، جي ) والصواريخ مع أن الرصاصات التي تطلق لإحراز هذا يمكن أن تتسبب كخسائر في
جموع المدنيين داخل البيئات المدنية .
الخلاصة
- قبل أي عملية عسكرية على المدن هناك أمر بالغ الأهمية ويوضع على عاتق المنفذين
لها وهو الحرص و الحفاظ في الدرجة الأولى على سلامة المدنيين الأبرياء كونهم لا يمثلون
أياً من أطراف الصراع .
-إن عملية التدريب المدروس والمسبق
للمقاتلين وإعدادهم تعد الخطوة الأولى والأساسية للقيام بتنفيذ العمليات القالية لحرب المدن وفق احدث المعايير
والطرق المتبعة ، والمنبثقة من الإعداد الكامل على كيفية التعامل مع التركيب التكويني لطبيعة البيئة
المدنية .
- قبل القيام بأي مهمة عسكرية على الصعيد الميداني هناك خطوة رئيسية وهامة قبل
اتخاذ القرار للتنفيذ العملياتي وهي دراسة الموقف حتى يكون اتخاذ القرار مبنياً على
طبيعة ونوعية المهمة القتالية ونوعية منفذيها من القوات .
- تعتبر عملية جمع المعلومات من أهم المراحل والتي نظراً لنوعية وطبيعة البيئات
المدنية الصعبة لأن وسائل الاستطلاع والكشف مختلفة عن الوسائل التكتيكية المعروفة والمصمصة
للإيفاء بهذه المتطلبات والذي كانت تقنيات وتكنولوجيا الطائرات المسيرة والربوتات وأنظمة
المستشعرات بأنظمتها المركبة عليها لهذه الأغراض.
- يشترط في نوعية وطبيعة عمل الأسلحة الخفية التي يحملها المقاتل
للهجوم والحماية والاشتباك مع العدو , لتنفيذ المهام القتالية في المدن أن تتلاءم مع
الظروف البيئية المعقدة و نوعية المواجهات القتالية الصعبة والتي تم تصميمها وفقاً
لهذه المعايير .
- تعد تقنيات الاتصالات عنصر التواصل والتفاعل المشترك للحماية والهجوم وتكامل
العمليات التكتيكية لظمان السيطرة وأحتواء الموقف والذي تؤمنه شبكة اتصالات قوية وقابلة
للتكيف مع كل الظروف المصاحبة لطبيعة البيئات المدنية الصعبة.
- إن استخدم العربات الميدانية المصفحة
والتي صممت لعمليات حرب المدن سواءً كانت المصفحة المدولبة أو المصفحة المجنزرة تنفذ مجموعة من الأدوار والمهام
عالية الدقة الداعمة لنجاح العمليات الموكلة إليها والمتضمنة دروع يحتمي بداخلها المقاتلين
ذات حماية متنقلة للاكتساح وتوجيه الضاربات الفعالة، و من خلال ما سبق يتبين لنا مدى
أهمية الأنظمة الحديثة لتقنيات حرب المدن بين
التقنية والتطبيق .
المراجع//
- مجلة الجندي الأعداد 387/ 388/401
- مجلة armada //
complete Guide الأعداد
4/2006-4/2007 -3/2009
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق